خروج الحسين (ع) وإسقاط عروش الظالمين




 بقلم سيد علي أبو الحسن


!تأمل أخي في خروج الحسين ع !أتراه أراد أن يعلمنا كيف نخرج على الظالمين ونُسقط عروشهم؟ :لا يصح ذلك لأمرين

١- لو كان كذلك لما كان خروجه ناجحا! إذ لم يسقط حكم الظالمين لا حكم يزيد ولا حكم من بعده

!٢- لو كان كذلك فما بال الأئمة من ولده ع لم يثوروا؟ !أتراهم يجرون على غير رأيه؟ !كلا ثم كلا فإن كان كذلك فما الأمر؟ ولِمَ خَرَج؟

عند مراجعة سيرة سيد الشهداء مع يزيد نجده يركز كل التركيز على رفض البيعة

كان مستعدا ع أن يترك القتال إن تركه القوم بشرط أن لا يبايع

فلم يمانع الحسين من أن يذهب في أرض الله بلا قتال ولا سفك دم، ولكنهم أصروا على أن يبايعهم، ولم يكن له أن يعطي بيديه إعطاء الذليل

فعليك يا أخي أن تركز كل التركيز على خطورة البيعة بيعة الحسين ع ليزيد بن معاوية فإن نظرت إلى ذلك عرفت الغرض من خروجه جيدا ولا يسع الكلام لتفصيل ذلك ها هنا ولكنني أجمله بهذه الكلمات

بيعة الحسين ليزيد كانت موجبة لإعطاء شرعية لظلم يزيد وظلم وتحريف بعض الناس للدين فلم يقبل الحسين بالبيعة لهذا الأمر فخرج وقاتل وأحدثت شهادته هزة في الأمة كشفت عن وجود رؤية أخرى للدين تخالف ما هو الشائع بين الناس فارتكزت راية التشيّع إلى يوم القيامة

وبعد ارتكاز الراية لم يبقَ للبيعة ذلك المعنى الذي كان في عهد الحسين ع فجرى الأئمة من بعد الحسين ع على المهادنة والمسالمة مع الحكام الظالمين؛ إذ لم يعد للمهادنة مع الظالمين ذلك المدلول الموجب لتحريف الدين فلم يخرج علي بن الحسين ع لا مع أهل الحرة ولا مع التوابين ولا مع المختار

ولا خرج أبو عبد الله الصادق ع مع محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى ولا مع العباسيين ولا خرج غيرهم من الأئمة ع وليس ذلك إلا لأن بيعتهم ليس بتلك التي تقتضي تحريف الدين كما أن الخروج لن يؤدي إلى بسط اليد وإعلاء شأن الإسلام بالصورة الصالحة التي يعتقدها أهل البيت ع

فلم يكن بد من ممارسة التقية من جهة واستغلال الثغرات لنشر الحق والدعوة الصالحة بشكل لا يؤدي إلى زهق الأرواح المؤمنة ومن هنا افترق الإمامية عن الزيدية، فالإمامية هم الذين تديّنوا بالتقية استنادا لموقف الحسين ع الذي سيمنع التقية من اقتضاء تشويه الحق

والزيدية هم الذين ركزوا على الثورات وربطوا الدين بالحكم والسلطان الخارجي ومن هنا امتاز الإمامية على الزيدية بسعة تراثهم وقوة علمائهم وعدم تأثرهم بالمذاهب المنحرفة كل ذلك لم يكن لولا شهادة أبي عبد الله الحسين ع فالحسين ع هو الذي ركز تلك الراية التي تفصل التشيع عن غيره

والأئمة من بعده ع هم الذين استغلوا ذلكم الخروج لنشر الحق وتربية المؤمنين على التقية التي هي بحق ترس المؤمن :فإذا اتضح هذا فليتضح لك الآن

أن الدور الرئيس لإحياء هذا الخروج المبارك هو إعلاء كلمة الإسلام والتشيع لا لمجاملة غير المسلمين ممن أعجب بالحسين ع إعجابا لم ينعكس على عقيدته ولا لاستغلال هذا الخروج لأغراض لا يُعلم مآلُها ..ولا

..ولا نعم

لا مانع من الاستفادات الأخلاقية والفقهية من هذا الخروج، ولكن ينبغي التفريق بين الغرض والفائدة

والحمد لله وحده

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

ما معنى أن الله خلق الأشياء بالمشيئة؟

شبهة لعن الإمام لزرارة في الروايات

ما هو التفويض الباطل؟