الأَثَر الجانِبي للجَدَلِ العَقَدي - كَلَمة تَذْكيرِيَّة
بقلم نوح المهنا
يلاحظ طالب العلم أن في الدين مسائلٌ قطعية ضرورية ثابتة، ولكن برغم قطعيّتها وضروريّتها = كَثُر حولها الجدل والمراء، وأقيمت حولها المناظرات عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، وكانت موضعًا للأخذ والرد في الكتب، وفي الجلسات العامة، وفي برامج التواصل الإجتماعي، إلخ ..
ومثال ذلك: مسألة وجود الله وصفاته، ومسألة نبوة محمد -ص-، ومسألة إعجاز القرآن، ومسألة الإمامة، وغيرها من العقائد الحقّة.
فترى طالب العلم -خاصة الطلبة المشتغلين في الرد على الشبهات وفقهم الله وسددهم- في بعض الأحيان ومن دون شعورٍ وقصد = يتعاطى معها كأنها أنزلت لتكون فقط محصورة في كتب الردود وحلبات المناظرة، وحالات الإثبات والنقض، من دون أن يكون لها أثر إيماني خاص في نفس المؤمن!
فتراه يغلب على همه أن يبهت من أنكر الإمامة، وأن ينقض على من ينفي عدل الله، وأن يقضي جل وقته في إثبات إعجاز القرآن للمتنطعين من منكريه، ولا أكثر من ذلك! فتُفقد بذلك ثمرتها المرجوة، وتُطمس غايتها المطلوبة، ويحاد التأمل بها واستشعار عظمتها وفضلها في الدين.
فعلى سبيل المثال: مسألة الإمامة، وهي من أجل المسائل في الإسلام وأرفعها شأنًا، فقد جهدت الجهود في إثباتها ونقض مقالات مبطليها منذ القرون الأولى للإسلام وإلى يومنا هذا، وهذا أمر من الأمور العظام.
ولكن الجانب الذي لا يقل أهمية عنه والذي نقصده من هذه الكلمات هو: جانب استشعار فضلها على الإسلام ودورها في حفظه من الضياع والتمييع والتحريف! وهذا أمر مطلوب في نفس المؤمن بقدر مطلوبية الإثبات والدفاع.
روى ثقة الإسلام الكليني (329هـ) -رحمه الله- في الكافي الشريف بسند معتبر عن إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله الصادق -عليه السلام-، أنه قال: إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام، كيْما إن زاد المؤمنون شيئًا ردَّهم، وإن نقصوا شيئًا أتمّه لهم.
[الكافي، الأصول، باب أن الأرض لا تخلو من حجة، الحديث رقم 2]
ومسألة الإمامة تعد نموذجًا على ما أردناه، وإلا فنفس الكلام يجري على أصل التوحيد والنبوة والمعاد، وغيرها من أمهات المسائل العقدية الخلافية، والله الهادي والموّفق.
الخلاصة:
كما ينبغي للمؤمن أن يُثبِت عقائده بالبرهان ويرد الشبهات عنها -وهو
أمر شريف ضروريٌ لا مرية فيه- ينبغي له -بقدر ذلك- أن يتأمل في عِظَم شأن هذه
العقائد الجليلة في الدين، وأن يستقي منها العظة والعبرة وأن تؤثر على سلوكه
عمليًا وأن يشكر ربه على هدايته إليها، فيستشعر المسؤولية تجاهها لرفعة دين الله
ونصره نبيه -ص- وآله الكرام -ع-.
والحمدلله كما هو أهله
Comments
Post a Comment