كيف نتعامل مع الشبهات؟
بقلم حسن فلاح
الشبهات في الدين أمر طبيعي، وهي تُطرح مذ وُجِدَ الدين، فقد تعرض الدين للشبهات قديما من قبل اليهود والنصارى والزنادقة، وفي زماننا واجه الدين المد الشيوعي في النصف الثاني من القرن الأخير، واليوم نجد دعوة الإلحاد الجديد...
ولأنه لايصحّ الاختبار في الواضحات كالاختبار بالإيمان بوجود الشمس، بل يجب أن يتعلق الاختبار بما يتوقف على التأمل والتفكير حتى يصح الاختبار فيه، لذلك يترك الله المجال لطرح الشبهة
فتأمّل في قول هارون عليه السلام: "وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي" طه (90)
وهاهنا بعض الملاحظات في التعامل مع الشبهات:
أولاً:
ينبغي أن نتعامل معها بدون انبهار من جهة وبدون إغفال من جهة أخرى
بل
يجب التعامل معها بجدية
فيُنظر في حقانيّتها وبطلانها بمنطق ومن دون انفعال أو إهمال
ثانيا:
ينبغي تجنّب خلط الشبهات بعضها مع بعض، فمن يبحث في شبهة تحريف القرآن، عليه أن يفصل
الشبهات، ففي البداية يبحث حول تواتر القرآن، ثم ينتقل لإشكالية حرق المصاحف، ثم
ينتقل لروايات التحريف، وهكذا....
فينبغي الحذر من التعامل مع الشبهات المتعددة كشبهة واحدة.
ثالثا:
يجب تحديد نوع الشبهة والميزان التي نحاكم بها الشبهة، فمثلا الشبهة النقلية يُتعامل
معها
بطريقة مختلفة عن الشبهة العقلية.
فمن يسأل لماذا يتم تحليل هذا وتحريم ذاك، فهذه الشبهة نقلية لأنها تعتمد على نصوص فلا يصح مناقشتها مع من لايؤمن بوجود الله ولا بنبوة النبي ص
رابعا: بعد تحديد نوع الشبهة نحاول تجريدها من الانفعالات والمغالطات المرتبطة بها.
مثلا
عند التعامل مع من يدّعي بطلان الإسلام وعدم صلاحه بحجة تطور الغرب من الناحية
العلمية والتكنولوجية وتخلّف المسلمين
نحلل الشبهة لتجريدها من أي مبدأ غير مسلّم لنرى هل هي مبنية على أسس عقلية أم لا؟
فنسأل:لماذا التطور صحيح؟ وهل العقل يرى التطور صحيحا دائما؟ أم أن قيمته تكمن في تحقيق المنافع والراحة؟ وإذا كانت قيمته في تحقيق المنافع فهل العقل يرى أن السعي للراحة مطلوب دائما؟ أم أن هناك أمورا أخرى تجب مراعاتها أيضاً؟ وهل هذا يعني أن المسلمين عندما كانوا متقدمين كان الإسلام حقا؟
هنا بعد تحليل الشبهة نرى أنها مبنية على مغالطة المصادرة على المطلوب، وهي أن "التطور هو الأمر الوحيد الذي ينادي به العقل، وبه يتم معرفة الحق والباطل" وهو ما لم يثبته صاحب الشبهة، ولكنه أدخل هذه الفكرة ضمن شبهته موحيا أنها مسلّمة
ختاما نحب التأكيد على أن معرفة مصدر الشبهة ومتابعتها والرجوع لإجابات أهل الخبرة المتوفرة مع إعمال العقل ومحاولة استيعاب كلامهم وتقييمه وتذكّر أن الشبهات لم ولن تقف عند حدّ= كل ذلك من شأنه حماية العقل من الوقوع في المغالطات والاشتباهات.
والله الهادي
Comments
Post a Comment