لماذا هناك أنبياء يصعب إثبات وجودهم تاريخيا؟

 




بقلم حسن فلاح


لماذا هناك أنبياء يصعب إثبات وجودهم تاريخيا؟ وإذا كان الله قد أرسل لكل أمة رسولا فلماذا لم يأتنا خبر إلا عن أنبياء مناطق الشرق الأوسط فلا خبر عن أنبياء في اليابان أو الصين مثلا؟!

للجواب على هذا السؤال، يجب أن نلتفت أولا إلى أننا لا نستطيع نفي أي حدث تاريخي بشكل قاطع إلا إذا اجتمعت فيه أربعة أمور:
[1] أن يكون الحدث مهما وخطيرا بحيث يهتم الناس بتداوله.
[2] أن يكون بيّنا ومُعلنا، فلايكون واقعا في مكان لا يطلع عليه عامة الناس.

[3] أن تكون الدواعي لنقل الحدث مستمرة جيلا عن جيل، ولا يتم هذا عادة إلا في الأمم الباقية المستمرة إلى اليوم، فلا يوجد عادة داع لنقل حوادث الأمم البائدة بخلاف حال الأمم الباقية كالعرب وبني إسرائيل.
[4] أن لا تُنقل إلينا الحادثة.

ومتى ما وقعت هذه الأمور الأربعة قطعنا ببطلان الحدث التاريخي، وإلا كان حدثا محتملا
فعلى هذا الأساس نستطيع نفي وقوع ثورة فرنسية ثانية بعد الثورة المعروفة لاجتماع تلك الأمور في هكذا خبر
فلأجل أن ننفي وجود دعوات في مناطق أخرى من العالم يجب أن تثبت هذه الأمور الأربعة فيها.

وفي الواقع هناك جملة من العقبات التي تمنع من إثبات هذه الأمور:
[أ] عدم وضوح نجاح الدعوة في البداية، فهل تمكنت الدعوة من أن تفرض نفسها في المجتمع؟ أم أنها كانت محدودة التأثير والسعة؟
[ب] احتمالية اندثار الأمم التي بُعِث إليها الأنبياء.

[ج] احتمالية تحريف الدعوات الصالحة، فمن الممكن أن تتعرض الدعوة الصالحة إلى التحريف إلى درجة كبيرة بحيث لا نلتفت إلى أصلها، وعلى هذا يكون من الممكن أن تكون بعض الأديان الموجودة اليوم سماوية، ولكنها تحرفت تدريجا حتى انسلخت عن حقيقتها وأصلها.

[د] صعوبة التدوين في الزمان السابق من شأنها أن تؤثر في نقل النبوات الصالحة، فلم تجر عادة كل الأمم على تدوين أحداثها، بل لو فرضنا جريان عادتها على ذلك لم يكن ذلك نافعا؛ لأن ذلك لا يضمن لنا أن يكون التدوين على نحو يكون باقيا كالتدوين بالنحت ونحو ذلك.

فلهذه الأمور نقول:
من المجازفة الكبيرة ادّعاء عدم وجود دعوات في المناطق والأمم الأخرى لأجل عدم وجود أخبار تاريخية مرتبطة بهم
( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً) (وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) والحمد لله

Comments

Popular posts from this blog

ما معنى أن الله خلق الأشياء بالمشيئة؟

شبهة لعن الإمام لزرارة في الروايات

ما هو التفويض الباطل؟