مذهب النفعية الأخلاقية
بقلم حسن فلاح
مذهب النفعية الأخلاقية هو المذهب القائم على تفسير
الأخلاق بأنها ما يحقق أكبر قدرٍ من السعادة لأكثر عدد من الناس
فالمحاسن الأخلاقية هي ما تُسهم في تحقيق اللذة
وتقليل الألم.
فيدّعي أصحاب هذا المذهب الاستغناءَ عن المفاهيم
المتجاوزة للمادة في تفسير الادراكات الاخلاقية (كوجود الإله أو الحسن والقبح
العقليين).
ويمكن إجمال النقد الموجّه لهذا المذهب بالتالي:
أولا: نسأل: هل تحقيق السعادة للمجموع هي غاية
أخلاقية مطلوبة لذاتها؟ أم أنها مجرّد وسيلة لتحقيق سعادة الفرد؟
1- فإن
قيل بأنها غاية أخلاقية مطلوبة لذاتها توجّه سؤالان:
السؤال الأول: لماذا صار هذا المبدأ غاية
أخلاقية؟ (والمطلوب هنا تقديم تفسير لهذه الفكرة دون الاستعانة بتفسيرات متجاوزة
للمادة)
السؤال الثاني: ماذا لو كانت سعادة الأغلبية
متوقفة على معاناة الاقلية؟
كما إذا كان غالبية أفراد شعب الروم يستمتع
بمشاهدة إلقاء الأقلية المسيحية للأُسُود؟!
وكما إذا كان علاج مرض ما متوقّفا على إقامة
تجارب على بعض الأبرياء تؤدي بهم إلى الهلاك؟
فهل سيكون هذا التصرف أخلاقيا حسب هذا المذهب لانطباق التعريف عليه -وهو تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر قدر من الناس؟
2- وإن
قيل بأن تحقيق السعادة للمجموع هو مجرد وسيلة لتحقيق سعادة الفرد -وهم لا يقولون
ذلك للإنصاف لكن وجدنا التعرض لهذا الاحتمال للفائدة- قلنا: ماذا لو توقفت سعادة
الفرد على مخالفة هذا المبدأ؟
فلو فرضنا وجود حاكم له من السلطة والنفوذ مايضمن
بقاءه لنهاية عمره، وكانت سعادته بسحق فئة ضعيفة من الشعب، فهل سيكون هذا الفعل
أخلاقيا؟
بل أكثر من ذلك، ماذا لو كانت سعادة فرد ما بحسب
منظوره هي عن طريق سحق البشرية جمعاء؟!!
فإن قيل: إن سحق البشرية سوف يسبب له فقدان
المنافع المتبادلة معهم.
قيل: إن من الممكن أن تكون سعادته في سحق البشرية
ولذته بذلك أكبر من تلك المنافع التي سيخسرها، فلن تكون عنده مشكلة في التضحية
بتلك المنافع في سبيل تحقيق هذه اللذة العظيمة عنده.
فتأمل
Comments
Post a Comment