لماذا يخصص الدين الأخلاقيات بأتباعه؟
بقلم سيد علي أبو الحسن
تُطرح في الكثير من الأحيان شبهات حول أخلاقية الأديان، ومن أهم تلك الشبهات الشبهة القائلة "بأن الدين يخصص الكثير من الأخلاقيات بأتباعه فقط"، كما جاء في قوله ص "المسلم أخو المسلم" أو قوله تعالى "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ"…ونحو ذلك من الحقوق بين المسلمين دون غيرهم
!فهل ترد هذه الشبهة؟
في الواقع تتضمن هذه الشبهة مغالطة "السؤال المشحون"، وتعتمد هذه المغالطة على توجيه سؤال يتضمن مصادرة غير مصرح بها، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع الشخص المسؤول في مأزق الإجابة!! فعندما يُقال "لماذا يميز المسلمون بين الناس في التعامل الأخلاقي؟" يضمّن السؤال سؤاله مصادرة!! وهي: إن الأخلاق عامة لجميع البشر ولا يصحّ تخصيصها بقوم دون قوم بسبب الدين
وهذه المصادرة غير صحيحة، كما سيتضح ذلك إن شاء الله تعالى
:لاريب أن المبادئ الأخلاقية تنقسم إلى قسمين
الأول: المبادئ الملزمة كاجتناب الظلم واجتناب الكذب
الثاني: المبادئ الغير ملزمة كالإحسان إلى الآخرين بأشكاله المختلفة
تتميز المبادئ الملزمة بالإطلاق والعمومية، فلا يصح ظلم الناس مهما اختلفنا معهم في الدين
في المقابل تجد المبادئ الغير ملزمة أضيق من السابقة، فنحن نجد أن ترك التعامل وفق هذه المبادئ لايمثل مشكلة، ولكن التعامل على أساسها يمثل كمالا لمن يتعامل معها
ومن هنا نقول: هل أمرنا الإسلام بترك المبادئ الأخلاقية الملزمة في التعامل مع الآخر؟
كلا وألف كلا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ
ولكن لماذا خصص الإسلام المسلمين ببعض الحقوق دون غيرهم؟ وماهو توجيه ذلك؟
أولا: ينبغي الالتفات إلى أن الإسلام ألزم المسلمين بالمبادئ غير الملزمة أخلاقيا في بعض الموارد، كالجيران وأهل الذمة والمسلمين ونحو ذلك، ولم يُلزم بذلك تجاه غيرهم، وليس في اختصاص هذا الإلزام أي ظلم
لأن هذه المبادئ غير ملزمة في الأصل من الناحية الأخلاقية
ثانيا: ينظر الإسلام إلى أن الكفر بالله تعالى بعد إتمام الحجة جريمة أخلاقية، لأنها محاداة للخالق ولي النعمة، فكما أن للناس فيما بينهم حقوقا، كذلك لله على خلقه حقوق
ومن هنا فالكافر الجاحد لايجب الإحسان إليه، لأنه معتد على حق ربه
ومن هنا فالتمييز على أساس الدين مبرّر أخلاقيا فضلا أن يكون مخالفا للأخلاق
ثالثا: انتفاء الإلزام الأخلاقي في بعض الموارد لايعني التشجيع على مخالفة المبادئ الأخلاقية في التعامل مع الآخر، غاية مافي الأمر أنه غير ملزم
ختاما: نقرّ بوجود خلل في بعض مايُطرح باسم الإسلام من الناحية الأخلاقية، ولكن لانقبل أبدا نسبة ذلك إلى الإسلام من دون أدلة تامة ورؤية محكمة كما يفعله الكثير ممن يعترض على الإسلام
Comments
Post a Comment