علاقة الموروث بتشكيل الانتماء الديني
بقلم نوح المهنا
يطرح بعض الملحدين فرضيةً تبتني على أن الدين مجرد موروث اجتماعه يرثه
الجيل اللاحق عن الجيل السابق مع انفتاح المجال ليتطوّر متأثرا بالبيئة المحيطة.
فلم نختر هذا الإيمان، بل هو مجرد موروث لم ينشأ من نظر أو استدلال،
والذي يجعلنا نميل للدفاع عنه هو ما يُسمّى "بالاستدلال المدفوع"، وهو
ظاهرة تجعل الإنسان يتحيّز ويميل نحو الدفاع عن أفكاره من دون ابتناء ذلك على
مبررات موضوعية سليمة.
وبعد التفكير المتأمل والنظرة النقدية لهذه الفكرة يمكن تسجيل ملاحظتين:
١- هذه الفرضية صحيحة إن أريد بها حث الإنسان على التأمل في الفكر الموروث؛ إذ لا
إشكال ولا شبهة في ضرورة التفحص في الأفكار الموروثة والنظر والتدقيق فيها.
وأما إن أريد بها لزوم تجنّب الموروث فلا إشكال أيضا في أنها غير صحيحة؛ إذ لا
إشكال ولا شبهة في إمكان كون الموروث حقا مطابقا للواقع، فكما أنه لا ملازمة بين
الوراثة والحق كذلك لا ملازمة بين الوراثة والباطل.
٢- إن تفحص الإنسان في موروثه الفكري وتبيّن له بعد الفحص صحة موروثه لم يصح
الاعتراض عليه بالفرضية السابقة، وذلك بأن يقال له: إنك اعتمدت على الموروث في
تصحيح فكرك، فبحثك لم يكن إلا تبريرا لأفكارك الموروثة لأنك لا زلت على قولك
الموروث كما أنك لم تستقصِ الأقوال الأخرى.
فالجواب حينئذ: لو كنتَ في غرفة مليئة بالمفاتيح وأردت الخروج من الغرفة المقفلة التي لا يفتح بابها إلا مفتاح واحد.
وصدفة وضعت يدك على المفتاح وجرّبت فتح الباب به، وإذا به يُفتح، فهل ستقول حينئذ
بأن الاعتماد على هذا المفتاح غلط لأننا لم نجرب المفاتيح الأخرى؟!
تأمل تعرف!
Comments
Post a Comment